مزرعة الدموع بقلم منى سلامة
عادت لتفكر ترى ماذا يفعل مصطفى الآن .. أمازال يبحث عنها .. أمازال يتوعدها بالإنتقام .. أمازال يرغب فى أذيتها وعودتها اليه .. كانت سابحه وسط كل تلك الأفكار عندما قفزت صورته فجأة الى رأسها .. صورة عمر .. تذكرته عندما ساعدها فى ولادة المهره .. ابتسمت لتلك الذكري .. لم تكن تتوقع أنها ستراه يوما فى هذا الوضع .. بدا طيبا حنونا يرغب فى مساعدتها ولا يتذمر أو يتأفف .. بدا لها شخص متواضع للغاية جعلها للحظات تنسى من هو .. وماذا يملك .. انه مجرد شخصا بسيطا مثلها .. شعرت أن ذكرى هذا اليوم محفورة فى ذاكرتها ولن تنساه أبدا .. تذكرت وقت العودة عندما أصر على السير بسيارته خلفها .. مازالت فى حيره من أمرها .. لماذا فعل ذلك .. أمن المعقول ان كل ما يفعله لأجلها فقط لأنها صديقه زوجة صديقه .. أم بسبب تلك الحاډثه .. حدثها قلبها بأن هناك سببا آخر .. سببا يلقى صداه فى قلبها .. أمعقول أنه ..... توقفت عن الاسترسال فى أفكارها عند تلك النقطة .. كانت تحاول بقدر الإمكان تجاهل مشاعرها وما يعتمل داخل صدرها .. هى لم تخرج بعد من تجربة كادت أن تدمرها .. لا تريد ترك نفسها لتنساق خلف تجربة أخرى غير واضحة المعالم .. لن يتأذى فيها الا قلبها .. وقلبها لم يعد يحتمل الألم .. نهضت لتتوجه الى عملها .. وعندما اقتربت من المبنى .. تسمرت فى مكانها .. كان واقفا هناك .. يضع يديه فى جيب بنطاله ويعبث بشئ على الأرض بطرف حذائه .. شعرت بالحنق على تلك النبضات التى تتسارع كلما رأته .. نظرت أمامها وسارت بهدوء وكأنها لا تراه .. رفع رأسه فرآها .. ابتسم لها .. لم تبادله الابتسام .. عندما اقتربت منه أوقفها قائلا
قالت بصوت خاڤت
صباح النور
همت بأن تواصل طريقها لكنه أوقفها بإشارة من يده قائلا
استنى لو سمحتى عايز أسألك عن حاجة
قالت وهى تتوجس منه خيفه
اتفضل
بدا مترددا قليلا .. ثم قال
معاد قضيتك اتحدد أنا عرفت من أيمن .. الجلسه بعد 3 أيام ..
شعرت بالدهشة لإهتمامه بمعرفة معاد الجلسة .. أم أن أيمن هو الذى تطوع وأخبره .. أكمل قائلا
أومأت برأسها قائله
أيوة .. ريهام هتفضل هنا
نظر عمر اليها قائلا
أنا حابب آجى معاكوا
نظرت اليه بدهشة قائله
ليه
ابتسم بحنان قائلا
عشان مش هطيق أستحمل أعد هنا .. وعشان كمان ما تتبهدلوش فى المواصلات لوحدكوا
قالت له بجديه
مفيش داعى يا بشمهندس .. أنا ووالدى هنروح لوحدنا
مش عايزانى آجى معاكى
قالت ببرود
لأ .. زى ما قولت لحضرتك مفيش داعى .. وكمان أنا مش عايزه وجودك يسببلى مشاكل
صمت قليلا ثم قال بضيق
طيب .. زى ما تحبي ..
قال ذلك ثم تركها وانصرف .. ودخلت هى وبدأت فى أداء عملها .. وعقلها مشغول بسر اهتمامه بها
تسلم ايدك يا ريهام .. سرعة واتقان
شكرا
نظر اليها قائلا
اخيرا ابتسمنا
اختفت ابتسامتها وعادت ملامحها الى الجديه مرة أخرى .. فنظر اليها قائلا بمرح
طفتيها ليه ماكانت منوره
استأذنته قائله
حضرتك تطلب حاجة تاني
أرجع ظهره واستند به على مقعده ونظر اليها قائلا
أومأت ريهام برأسها قاله
أيوة .. ووالدى كمان
نظر كرم اليها بدهشة قائلا
والدك كمان بيشتغل هنا فى المزرعة
أيوة .. مسؤول عن مخزن العلف
اندهش كرم .. لكنه لم يزيد فى الأسئله .. وقبل أن تنصرف قال لها
ممكن يا آنسه ريهام تطلبى من الفراش يعملى قهوة
بصراحة مكسل أقوم .. خليكي جدعه واطلبيهالى
هزت رأسها وخرجت من مكتبه وعيناه تتابعانها
جلست سماح بجوار
زوجها
الذى يطوقها بذراعه واضعه رأسها على صدره يشاهدان أحد البرامج فى التلفاز .. انتهى البرنامج فالتفتت اليه سماح قائله
أيمن عايزة أسألك عن حاجه
نظر اليها أيمن قائلا
قولى يا حبيبتى
اعتدلت فى جلستها ونظرت اليه قائله
ايه أخبار عمر صحبك .. مفيش جديد
نظر اليها بإستغراب قائلا
جديد من حيث ايه
يعني .. انت كنت قولتلى انه خاطب
أيوة وقولتلك انه فسخ
قالت سماح بإهتمام
يعني مبيفكرش يرجعلها
قال أيمن بثقه
مستحيل يرجعلها .. أصلا ربنا نجاه منها
صمتت سماح قليلا تفكر فى كلامه ثم قالت
ومبيفكرش يخطب قريب
تفرس أيمن فيها قائلا بإبتسامه خبيثه
انتى عايزه تعرفى ايه بالظبط
أمسكت الريموت وانشغلت بالتقليب فى القنوات قائله
هكون عايزه أعرف ايه يعني
الټفت اليها أيمن ونظر اليها قائلا
طيب أنا عايز أسألك عن حاجه
نظرت اليه فقال لها
هى ياسمين لسه حسه بحاجه ناحية زوجها
نظرت اليه بدهشة قائله
حسه بحاجه يعني ايه
حثها قائلا
يعني لسه بتحبه والقضية اللى رفعتها كانت عشان كرامته بس
هتفت سماح قائله
أيمن .. ياسمين مكنتش بتحب مصطفى أصلا ..حتى من قبل ما يضربها وېخونها
قال فى دهشه
ازاى يعني
زى ما بقولك مكنتش بتحبه ولا حتى كانت بترتحله .. باباها هو اللى جوزهولها وهى مكنتش عايزه تتجوز
عقد ما بين حاجبيه وسألها مستفهما
وليه باباها عمل كده
تنهدت فى حسره قائله
عشان مامتها ماټت فجأة .. والبنتين ملهمش حد .. مقطوعين من شجرة.. مصطفى كان عايز يتجوز بسرعة .. ووالدها وافق .. عشان يطمن عليها لو حصله حاجه
فكر أيمن قليلا ثم قال
منطق غريب .. يعين أجوز بنتى لواحد هى مش مرتحاله .. عشان أطمن عليها أما أموت
هو تفكيره وصله لكده .. هو بيحبها جدا هى و ريهام وأنا واثقه ان ده من خوفه عليها .. زى الدبه اللى قټلت صاحبها من كتر حبها فيه
صمت أيمن قليلا يفكر فيما قالته سماح .. ثم قال
ربنا يخلصها منه .. وتكسب القضية
قالت سماح بحماس
أنا واثقه انها ان شاء الله هتكسبها وهتطلق منه .. مفيش قاضى عنده ضمير ممكن يرفض انه يطلقها من واحد حقېر زى ده .. ده كان عايز
هتف أيمن بدهشة
انتى بتتكملى بجد .. ازاى يعني
قالت وهى تشعر بالإحتقار تجاه مصطفى
واحد لا عنده دين ولا أخلاق ... كان عايز ياخد حقه ڠصب عنها .. وبعد ما ضربها كمان .. لولا ان واحد من الجيران خلصها منه
ثم استطردت قائله
أصلا أنا نسيت أقولك .. هى أصلا لسه ........
قاطعها جرس هاتف أيمن .. رد أيمن قائلا بمرح
ياريتنى كنت جبت سيرة جنية فضه
أتاه صوت عمر ضاحكا
وأنا أقول عمال أشرق من الصبح ليه .. أتاريك عمال تقطع فى فروتى
بالخير يا باشا
بقولك ايه انت وراك حاجة يوم الأربع
قال أيمن بدهشة
يوم الأربع .. عادى يعني ورايا الشغل العادى بتاع كل يوم .. ليه فى حاجه
بدا عمر مترددا قليلا .. ثم قال بجديه
أيمن عايزك تروح مع ياسمين ووالدها المحكمة
ابتسم أيمن ونظر الى سماح التى كانت تتابع ردود أيمن بإهتمام
اشمعنى يعني
هى رافضه انى أروح معاهم .. بس لو انت عرضت على والدها أعتقد مش هيرفض
أيوة يعني انت هتستفاد ايه من كده
قالت عمر بنفاذ صبر
عشان أبقى متابع معاك أول بأول يا أيمن
ابتسم أيمن بخبث قائلا
هو الموضوع يهمك أوى كده
ساد الصمت لفتره .. ثم أتاه صوت عمر قائلا
أيوة .. يهمني
اتسعت ابتسامة أيمن قائلا
خلاص مفيش مشكلة .. حتى آخد سماح بالمرة أهى تبقى جمبها
رفعت سماح حاجبيها بدهشة .. أنهى أيمن مكالمته فقالت له بلهفة
قالك ايه عمر .. وهتاخدنى فين
قال أيمن وهو مازال محتفظا بإبتسامته
عمر طلب منى انى أوصل
ياسمين ووالدها المحكمة
بدت الابتسامه على وجه سماح قائله بخبث
وايه سر اهتمامه ده
قال أيمن بخبث مماثل
الله أعلم .. يمكن شفقه
تلاشت ابتسامة سماح وقالت فى حنق
ليه بأه ان شاء الله .. هى ياسمين ناقصة ايد ولا ناقصة رجل .. عشان يحس نحيتها بالشفقه
ضحك أيمن قائلا
طيب قومى حضريلنا العشا
.. وسيبى الأكل يستوى على ڼار هادية
وغمز بعينه قائلا
فهمانى طبعا
ابتسمت ونهضت لتحضر طعام العشاء.
دخل كرم شرفة بيت المزرعة ليجد عمر واقف فى الظلام شاردا .. اقترب منه ووضع أمامه على سور الشرفة أحد الأكواب الساخنة التى يحملها والتى تتصاعد منها الأبخرة .. نظر عمر الى صديقه ثم أخذ الكوب بين يديه .. تناول كرم رشفه من كوبه .. ثم نظر الى
عمر قائلا
شكلها ايه
نظر اليه عمر بدهشة قائلا
هى مين دى
قال كرم بخبث
اللى واكله عقلك
ابتسم عمر وأخذ يتأمل ما أمامه مرة أخرى .. وقف كرم بجواره مستندا على السور ومال على صديقه قائلا
أهم حاجه انك متتسرعش .. عشان متقعش تانى فى واحدة متستاهلش
الټفت عمر اليه وقال بسرعة
لأ دى مش زى أى حد
صفق كرم بيديه وهتف بمرح
يا سلام عليك يا واد يا كرم .. لعييييييييييب .. تخرج المعلومة من بق الأسد
ضحك عمر فأكمل كرم بمرح
قول يا حبيبى قول .. عايزك تطلع كل اللى جواك .. عايزك تستفرغ كل اللى عندك
ضحك عمر قائلا
روح الله يقرفك
يلا .. خلص
صمت عمر وأخذ نفسا عميقا ..
وبعد برهه بدأ الحديث قائلا
مستألنيش اشمعنى هى .. لانى مش عارف تحديدا .. بنت عمرى ما قبلت زيها ..
ابتسم كرم ونظر الى صديقه قائلا
ايه أكتر حاجه عجباك فيها
ابتسم عمر وهو يستحضر صورة ياسمين فى خياله قائلا
طيبتها .. حنيتها .. رقتها .. خجلها .. ضعفها .. قوتها .. أدبها .. أخلاقها .. طباعها .. حتى ملامحها .. كل حاجه فيها بتجذبنى .. فضلت تتسلل لقلبي بهدوء وببطء لحد ما اتمكنت منه ..
نظر الى كرم قائلا
عارف يا كرم .. أنا كنت بحب نانسي .. بس الاحساس اللى أنا حسه دلوقتى .. مختلف تماما
سأله كرم قائلا
ازاى مختلف
شرد عمر قليلا ثم قال
لما حبيت نانسي حبيت فيها البنت الدلوعه الجميله المرحه .. بس كده .. كانت بتعجبنى .. من بره بس .. حبيت اللى أنا شايفه منها بس .. لكن ياسمين ..
صمت قليلا ثم ابتسم قائلا
احساسى نحيتها حاجه تانية خالص .. عارف يا كرم لما بشوفها بحس انى خاېف عليها أوى .. بحس انى ملهوف عليها أوى .. بحس انى شايف قلبها .. وحسه .. وسامع دقاته ..
التف الى صديقه قائلا
تصور يا كرم عمرها مسمحت لزوجها انه ېلمس ايدها لما كانت مخطوباله
هتف كرم ينظر الى صديقه قائلا
نعم يا اخويا ... هى متجوزة
قال عمر بأسى
أيوة
صاح كرم قائلا
عمر انت اتهبلت فى عقلك .. معجب بواحدة متجوزة
هتف عمر بنفاذ صبر
اصبر يا بنى آدم وانت تفهم
ثم استطرد قائلا
هى رافعة قضية خلع على زوجها .. لأنه خاڼها
وضربها .. هى أصلا متجوزتش الا شهر واحد بس
سأله كرم بإستغراب
وانت شوفتها فين ولا عرفتها منين
ما هى أخت سكيرتيرتك
هتف كرم قائلا
نعم
صمت قليلا ثم قال
لأ واحدة واحدة كدة .. وترسيني على الدور من أوله
شرح له عمر كل ما يعرفه عن ياسمين وأهلها .. وهروبهم من مصطفى والعمل فى مزرعته