جوازة نت لمنى لطفي
ونغزة عميقة في ذقنه المغطى بلحية خفيفة غير مشذبة او كما يقال هذه الايام ديرتي هذا كله يعلو جسد عضلي يدل على ممارسة صاحبه للرياضة بشكل دائم وطول يصل قرابة ال 190 سم مما جعلها تشعر بأنها قزمة أمامه علما بأن طولها يقرب ل 173 سم وكثيرا ما لقبها صديقاتها ب النخلة على سبيل المزاح بينهم فقد كانت اطول واحده في مجموعتها
م مي مين أنت
ابتسم صاحب الجسد الضخم قائلا
بالتأكيد أنا مش حمادة
قطبت منة غاضبة من هذا المتحذلق المغرور الذي يسخر منها
ولما انت مش حمادة تقدر تقوللي بتعمل ايه في مكتبه
رفع حاجبه باستفزاز مجيبا بسخرية
معلهش ممكن اعرف الاول انت مين وانت داخله زي القطر كدا ومن ساعة ما دخلت ما بطلتيش كلام زي ما يكون راديو واتفتح
راديو واتفتح دا نفس كلام احمد
قالت وهى تستدير مبتعدة ببرود
معلهش هاجي بعدين يكون الباش مهندس احمد جه
ليقاطعها ذاك الرجل بسرعه
لالالا خليكي احمد أكيد راح هنا ولا هنا وجاي على طول انما متعرفناش
منة بدون نفس وهي تنظر الى ناحية بعيدة عنه
الصوت ساخرا
ايه ماما قالت لك ماتكلميش حد متعرفهوش
منة بغيظ مكتوم استغربته من نفسها فهي قلما استطاع أحد ان يخرجها عن طورها ولكن هذا الكائن الضخم
الماثل امامها يخرج أسوأ ما فيها فأجابت بابتسامة صفراء وببرود ثلجي يقطر من كلماتها
آه فعلا
ليقاطع نقاشهما صوت احمد الضاحك
سيف حمدلله على السلامة جيت امتى
لسه من دقايق مالاقتكش ولا لاقيت عمر
ابتعد احمد قائلا
انا نزلت اجيب موبايلي من العربية كنت ناسيه وعمر تلاقيه هنا ولا هنا انت عارفه مش بيثبت في حتة واحده ثم تذكر وجود منة فاستدار مطالعا اياها وهو يقول باستفسار وابتسامة تعتلي محياه
طيب مش تعرفنا الأول يا احمد كان سيف يتحرق شوقا لمعرفة من تكون هذه اللبوءة الشرسة التي تنفث ڼارا من عينيها الرائعتين وكما كان رغبته لمعرفة من هذه الطفلة الفاتنة الواقفة امامه كان يخشى من سبب تواجدها في مكتب احمد او من درجة قرابتها له وتنفس الصعداء عندما سمع احمد يقول
أه صحيح انتو متعرفوش بعض ما سبقلكش شوفتها
اعرفك يا منة المهندس سيف صديقي وشريكي والمدير التنفيذي للمكتب ثم اشار الى منة قائلا بابتسامة
المهندسة منة اختى واول يوم تدريب ليها هنا في المكتب
أومأ سيف بتحية من رأسه قائلا بابتسامة صغيرة
اتشرفنا يا منة ومد يده مصافحا فطالعتها منة ببرود لتقول دون ان تمد يدها للمصافحة
آسفة ما بسلمش ثم انصرفت وهى تقول
أستأذن يا احمد لما تفضى هبقى اجيلك
ابتسم احمد معتذرا من سيف الذي برقت عيناه متابعا لهذا الغزال الهارب من امامه وهو يهمس في نفسه
واضح كدا ان الايام الجاية هتبقى مش مملة ابدا
الحلقة الثانية
مر أسبوعان منذ ان بدأت منة التدريب لدى مكتب شقيقها احمد الهندسي وطدت علاقتها مع سحر وايناس زميلاتها في العمل كما كان عمر بمثابة أخ ثان لها فهو انسان خفيف الظل ومحترم لم يتجاوز حده معها ولكن تبقى نشوى التي لم تستطع الاندماج معها ليس عن كره لها ولكن شفقة عليها نعم فهي كانت تشعر بالعطف عليها مما تراه من سلوك نشوى المنفتح لدرجة كبيرة تخالف ما تربت عليه منة لذلك آثرت عدم الاحتكاك معها الا في اضيق الحدود ولكنها لا تستطيع منع نفسها من ان ترد لها الصاع صاعين اذا ما تجاوزت الاخرى حدودها معها
يبقى سيف لم تشاهده الا لماما طوال الايام السابقة ولكنها لا تعلم لما هذا الشعور الذي يلازمها من ان هناك من يراقبها كانت تتلفت حولها دائما ما ان يداهمها هذا الاحساس لتجد ان ما يخالجها وكأنه وهم في عقلها الباطن فقط ولكنها تكاد تقسم انها مراقبة
سحر تعالي شوفي كدا الديزاين دا قبل ما اسلمه لعمر
اقتربت سحر لتطالع ما اشارت اليه منة وقالت وقد اعتلت ملامحها البريئة ابتسامة فرحة
جميل يا منون بجد انت فنانة يا بنتي انا متأكده لما أصحاب الشقة هيشوفوا الديكور اللي انت عاملاه هيتهبلوا عليه
ابتسمت منة وقالت بلهفة
بجد يا سحر ولا بتجامليني
سحر مقطبة جبينها
انت هبلة يا بنتي هجاملك في الشغل
قامت منة وتناولت لوح الرسم العريض الموضوع على الحامل الهندسي امامها وقامت بطيه بشكل اسطوانى وقالت بحماس
اذا كان كدا يبقى هوريها حالا لعمر لانه لسه سألني على الشغل دا امبارح وقلت له انى هسلمه انهرده
سحر بدهشة
مش هتوريه لأحمد الأول
منة باستهجان واضعة يديها في خصرها
نعم علشان يعدلي فيه وبعدين لو عجب عمر يقول بفضل توجيهاتي ثم اشارت اليها براحتها الصغيرة متابعة
لا يا
ستي انا عندي عمر يشوفها ويقول لي ملاحظاته كدا احسن
سحر وهى تهز كتفيها بلامبالاة
خلاص براحتك
انصرفت منه متجهة لمكتب احمد وعمر لتعرض لوحتها على الاخير بينما لم يكن احمد متواجد فقد اخبرها صباحا انه سيذهب الى موقع من مواقع البناء لمباشرة العمال والاطلاع على كيفية سير العمل
طرقت منة الباب بخفة فسمعت صوتا مرحبا يدعو الطارق للدخول فتحت منة الباب وما ان ابصرها عمر حتى انفرجت اساريره واشار اليها بالتقدم قائلا ببشاشته المعهودة
اهلا اتفضلي يا منة تعالي
لاحظت منة ان الجميع يستخدمون أسمائهم المجردة بدون ألقاب فحذت حذوهم مرحبة بهذا الاسلوب
الذي أشعرها انها بين أسرتها واصدقائها
دخلت منة تاركة الباب مفتوح جزئيا خلفها وتقدمت راسمة ابتسامة صغيرة على شفتيها النديتين وهى تقول
معلهش لو هاخد من وقتك شوية بس انا خلصت الشغل اللي انت كلفتني بيه وجيت اعرضه عليك
قام عمر متجها اليها قائلا بحماس وهو يمد يده ليتناول منها لوحتها الاسطوانية الشكل
والله اتجه عمر الى الحامل الهندسي ليضع عليها اللوح وهو يهنئها بصدق
هايل يا منة برافو
اقتربت منة من عمر لتستطيع مشاهدة اللوح والاستماع الى ملاحظاته قال عمر بإشادة
جميلة يا منة فعلا تستحقي تنجحي بامتياز مع مرتبة الشرف دا غير انك فنانة بجد ودا باين في اختيارك للألوان
اصطبغ وجه منة بحمرة خجل طبيعية لاستماعها مديح غير مديح اساتذتها وأخيها أو أبيها فمديح عمر يدل على نجاحها في مضمار العمل سألت بابتسامة متلهفة تشق وجهها الملائكي
بجد يا عمر رفع عمر رأسه ناظرا اليها بابتسامة
وأبو الجد كمان شوفي هو فيه طبعا كم ملاحظة كدا لكن مبدئيا انت موهوبة وفنانة بجد شكلي كدا هخليكي انت الديزاينير بتاعتي المسؤولة عن ديكورات المشاريع اللي ماسكها ايه رأيك نبقى فريق ها موافقة
ما ان همت منة بالكلام حتى قاطع حوارهما صوت يتحدث بجدية ممزوجة بسخرية طفيفة لم ينتبه اليها عمر ولكن منة التقطت رنتها الواضحة قال الصوت
موافقة على ايه بالظبط يا عمر مش ممكن نعرف ولا دا سر
نظر عمر خلفها في حين تسمرت هي مكانها وأصبح جسدها بأكمله مشدودا كالوتر في حين تحدث عمر بمرحه المعهود غير منتبه للشرارات التى تطاير من حوله
سيف تعالى يا سيف شوف فنانتنا الجديدة مبدعة ازاي
اقترب سيف بخطوات بطيئة كالصياد الذي يقترب من فريسته على مهل خشية هروبها وقف بجوار منة ونظر الى اللوح المعروض امامه ثم نقل نظره الى منة التي لم تلتفت اليه وبدلا من ذلك سلطت نظاراتها على نقطة وهمية امامها زامة شفتيها بغير شعور قال سيف بلامبالاة
اممم كويس مش بطال
تحدث عمر بدهشة بينما طالعته منة بنصف عين
ايه مش بطال ايه يا بني تكسير المجاديف بتاعك دا بالنسبة لمنة وانها لسه مبتدئة فدا يعتبر فوق الممتاز
حرك سيف كتفيه بلامبالاة مجيبا وهو يلقى الى منة بنظرة غامضة بادلتها اياه بأخرى غاضبة من عينيها اللتين أطلقتا شرارات ڼارية باتجاهه قال سيف ببرود
والله انا بقول رأيي لو من دلوقتي سقفنا وهللنا وقولنا واو وتحفة وجميل يبقى هتفضل على كدا ومش هتحاول تطلع احسن من كدا
هم عمر بالكلام فقاطعته منة رافعة راحتها الصغيرة بصوت حاولت اخراجه ثابت وبصعوبة ولكنها نجحت في ابرازه واضحا وواثق
معلهش يا عمر انا مش متضايقه بالعكس من حق كل واحد انه يقول رأيه بحرية مطلقة ثم وجهت حديثها الى سيف الواقف امامها يطالعها بنظرة حملت اعجاب بثقتها الواضحة في نفسها سرعان ما اخفاه مستبدلا اياه بأخرى متحدية وهو يسمعها تتابع بثقة وتحد
أوعدك يا باش مهندس سيف ان المرة الجاية هتكون احسن ثم حملت اللوح معيدة ربطه ثانية وقالت وهى تهم بالانصراف
عن اذنكم وغادرت من غير ان تعير هذا الواقف يراقبها بنظرات كالصقر أي اهتمام
ألقت منة ما بيدها بنزق على مكتبها وهى تتأفف بحنق تبادلت كلا من ايناس وسحر نظرات الحيرة والتساؤل قبل ان تقترب منها ايناس مستفسرة بدهشة
مالك يا منون حد زعلك لتنضم اليها سحر في استفسارها باهتمام صادق
عمر قالك حاجه على الرسم معقولة يكون معجبوش
اجابت منة وهى تنفخ غيظا وكمدا
بالعكس الشغل عجب عمر اووي وكان طاير بيه كمان
قطبت سحر وتوجهت اليها بالسؤال
اومال ايه اللي مضايقك اوي كدا
منة بغيظ وقهر
اللي مضايقني وحارق دمي انه حد يتدخل في شغلك ويسفهه في الوقت اللي غيره بيحييكي عليه يبقى دا قصده ايه غير انه يحسسك انك فاشلة ويحبطك وخلاص
ايناس في محاولة لتهدئة منة فهما قد علما طبعها جيدا فمع انها مرحة وعطوفة ولكن عصبيتها مفرطة وكالأطفال تماما حين تغضب حيث يغلب انفعالها على تفكيرها العقلاني وتحتاج للمداهنة كالصغير المشاغب تماما
قالت ايناس
قصدك مين يا منة وبعدين يا ستي مهما كان اللي قال كدا لازم تكوني واثقة
في نفسك وشغلك اكتر من كدا انت يا ما هتقابلي ناس هيحاولوا يحبطوكي