رواية ولكن تحت سقف واحد للكاتبة دعاء عبد الرحمن
المحتويات
بينما دخل إبراهيم حجرة وليد فوجد الطبيب يتمم فحصه وعندما انتهى سأله فى رجاء
أيه الأخبار يا دكتور.. هيقدر يمشى تانى ولا لا
أومأ الطبيب برأسه وهو يدون ملاحظاته عن حالة وليد وقال
يا حاج انت بتسأل عن حاجة لسه بعيدة أوى احنا لسه يدوب فى البداية ..والحالات اللى زى دى بتاخد وقت طويل لحد الشفا الكامل وده محتاج جهد وصبر واستعانه بالله
ونعم بالله يا دكتور..
ربت الطبيب على كتفه وخرج من الحجرة وتركهم جلس إبراهيم بجوار زوجته وهو ينظر لولده الممدد أمامه على فراش المړض حالته غير مستقرة آلامه متواصلة قلبه يعتصره الألم حزنا وندما فلم يكن له الأب الناصح المربي الحنون وإنما انشغل وتركه هو وأخته وتصور أن جمع المال هو أقصى جهد يمكن بذله من أجلهم نسى دوره الأصلى حتى زوجته لم يعاملها كما يجب ليصلح أخطائها وعيوبها وإنما كان يتركها ويهرب منغمسا فى عمله شعر أنه المسؤل الأول والرئيسى عن ما وصلوا إليه جميعا أخذ يستغفر ويسترجع ويدعو الله أن يساعده ويقويه فى طريق أصلاح ما تركه يفسد طيلة السنوات الماضية
أزيك النهاردة يا يوسف
حاول يوسف النهوض أو الأعتدال فى فراشه ولكن والده ساعده فى العودة كما كان فى وضع الأستلقاء وهو يقول
خليك يابنى متتعبش نفسك
قال يوسف بسعادة لرؤية أبيه
الله يسلمك يا بابا ..انا بخير طول ما حضرتك راضى عنى
ربنا يرضى عنك وعنا يابنى ...
ثم قال وهو ينظر إلى الفراش الآخر
مريم فين
قال يوسف بابتسامة
فى الحمام بتتوضا
وهى عامله ايه دلوقتى كان شكلها تعبان أوى امبارح
خرجت مريم من الحمام وهى تجفف
يدها من أثر ماء الوضوء أبتسمت وهى تنظر إلى عمها وذهبت إليه تصافحه فقبل جبينها وهو يقول
قالت بابتسامة رضا
الحمد لله يا عمى .. كنت مرهقة بس مش أكتر
قبلها على رأسها مجددا وهو يهمس لها بخفوت
قولتيله
حركت رأسها نفيا بينما قال يوسف
انتوا سابينى هنا وواقفين تتكلموا.. المفروض ان انا المړيض على فكرة
قال حسين وهو يتجه إلى مقعده مرة أخرى ويجلس عليه
ذهبت مريم إلى ركنها الذى اتخذته مصلى فى الحجرة ووقفت تصلى فنظر يوسف لأبيه وقال بصوت منخفض بعض الشىء
بابا لو سمحت انا عاوز ارد مريم بس مش عاوز يبقى ڠصب عنها ومش عارف اعمل أيه
تفحصه أبيه وقال بنفس النبرة الخفيضة
ومسألتهاش ليه
مط يوسف شفتيه فى تبرم قائلا
سألتها مردتش عليا.. مرضتش أحاول معاها كتير علشان متحسش انى بضغط عليها بتعبى واللى حصلى ده..
ممكن حضرتك تكلمها وتحاول تقنعها
حسين
أنا رأيى انك تستنى لما ربنا يتم شفاك وتخرج من المستشفى وترجع البيت .. ساعتها تكلم معاها تانى وهيبقى ليها وقتها حرية الرفض أو الموافقة.. لكن انا لو كلمتها هتفتكر ان دى رغبتى وممكن توافق علشان متزعلنيش
أنتهت مريم من صلاتها وجلست تتلو الأذكار طرق الباب ودخلت عفاف مسرعة إلى ولدها جلست جواره تتحسسه بلهفة
عامل ايه يا حبيبى النهاردة.. أنا كنت ھموت واجيلك من بدرى بس ابوك منعنى
أخذ يد أمه وقبلها قائلا
الحمد لله يا ماما متقلقيش انا بقيت زى الحصان
أطل إيهاب برأسه إلى الداخل قائلا بابتسامة مرحة
صباح الخير يا مطعون
ضحك يوسف وهو يتحسس جرحه قائلا
بطل تضحكنى يا جدع انت حرام عليك .. الچرح بيألمنى لما بضحك
تبعته فرحة التى لحقت بأمها بجواره تطمئن عليه وقالت
ايمان وعبد الرحمن بره ومعاهم وفاء وجوزها
نظر حسين إلى إيهاب قائلا
خليهم يدخلوا يابنى
وقفت وفاء أمامه بعينين دامعتين وقالت بخجل
حمدلله على السلامة يا يوسف ربنا يقومك بالسلامة
قال بابتسامة صافية
الحمد لله يا وفاء انا كويس ..
بينما قال عماد بدهشة
أنا مش عارف ايه اللى حصلكوا ده .. انت ووليد فى يوم واحد حاجة غريبة فعلا
قال عبد الرحمن مقاطعا
قدر الله وماشاء فعل ربنا يقومهم بالسلامة هما الاتنين
واستدرك قائلا
تعال معايا نجيب للچماعة دول حاجة يشربوها بدل ما يدعوا علينا ولا حاجة
نهضت وفاء قائلة
لا مفيش داعى يا عبد الرحمن احنا ماشين على طول
قال عبد الرحمن بتصميم
لا مينفعش .. يالا يا أستاذ عماد
خرج عماد وعبد الرحمن وأغلق الأخير الباب خلفه فقالت وفاء
أنا عرفت اللى عملته مع وليد فى التحقيق يا يوسف.. حقيقى انت راجل أوى.. وطول عمرك شهم ... وانا عارفة انى موقفى صعب لأنى أخته لكن انت عارفنى كويس ..
ولم تستطع أن تتحدث أكثر وبدأت دموعها فى الحديث عنها فقالت عفاف
متعيطيش يابنتى .. انت طول عمرك قريبة مننا وعارفينك كويس واخوكى ربنا يسامحه ويسامحنا كلنا
قال يوسف مستكملا لحديث والدته
متعيطيش يا وفاء دموعك غالية عندى.. وانت عارفة مكانتك عندى كويس مش محتاجة تتكلمى الكلام ده ..
نظرت له مريم نظرة ذات معنى وجلست بعيدا وهى تشعر بالحنق من كلماته لها بينما قالت إيمان
الحمد لله الدكتور طمنا قبل ما ندخلك وقالنا بالكتير يومين تلاتة وتخرج بالسلامة
ذهبت وفاء وزوجها وانصرف الجميع عند انتهاء الأوقات الرسمية للزيارة وبقيت مريم مرافقة له جلست على الفراش الآخر بجواره وفتحت المصحف وبدأت بالقراءة فى همس
جعل ينظر إليها وهى تقرأ وكلما واتته الفرصة ليقاطعها ويطلب منها العودة ټخونه شجاعته ويصمت فى تردد حتى انتهت ووضعت المصحف وقامت لصلاة العشاء وبعد أن انتهت من أذكار الصلاة ونهضت متجهة إلى فراشها مرة أخرى قال سريعا
مريم..
ألتفتت له فقال
ممكن تحطيلى المخدة ورا ظهرى ..عاوز اتعدل علشان اصلى انا كمان
ترددت لحظات فقال
خلاص لو هضايقك...
قالت متلعثمة
لا.. مفيش مضايقة ولا حاجة
كان لابد أن تتخذ وضعا معينا لكى تستطيع أن تساعده على الإتكاء قليلا لتضع الوسادة خلف ظهره فابتعدت مرة أخرى مترددة فى ارتباك وخجل فقال لها
طيب خلاص ارفعى السرير مش لازم مخدة
وعندما انتهى من صلاته التفتت إليه وقالت
تحب انزلك السرير شوية
أبتسم وهو يحرك رأسه نفيا قائلا
لا متشكر.. انا اصلى مش جايلى نوم دلوقتى
تنحنحت فى حرج وهى تقول بارتباك
طبعا انت مش زعلان من وفاء .. صح
نظر إليها قائلا
وهزعل منها ليه وهى ذنبها أيه.. وفاء طول عمرها بنت كويسة أوى
شعرت بالحنق مرة أخرى وظهر ذلك على نبرة صوتها وهى تقول
اه ما انت قلتلها كده
ونظرت له نظرة جانبية وهى تستدرك قائلة
وأكتر من كده كمان
راوده أحساس بالسعادة عندما لمح الغيرة فى صوتها ونظر إليها بعمق يتأملها ويتفحص معالم وجهها المضطرب وقال بخفوت
قلتلها أيه مش فاكر
قالت باندفاع وهى تلوح بضجر
قلتلها دموعك غالية عليا أوى وانت عارفة مكانتك عندى كويس
منع الأبتسامة التى كانت تريد القفز على شفتيه حتى لا يقطع عليها استرسالها الحانق على كلماته لوفاء وقال بهدوء
ماهى فعلا طول عمرها ليها مكانة عندى
لم تلحظ استدراكه لها فقالت بضيق
ومتجوزتهاش ليه بقى لما بتحبها أوى كده
لم تستطع الأبتسامة الصبر أكثر
من هذا خدعته وقفزت على شفتيه رغما عنه وهو يقول
أنا قلت برضة أنى بحبها.. جبتى الكلام ده منين
رأت ابتسامته وشعرت بمراوغته فى الحديث فأشاحت بوجهها بعيدا ولم تجبه فأردف قائلا وهو يتفحصها بابتسامته العذبة
أنا محبتش غير واحدة بس ... وبدعى ربنا فى كل وقت انها تسامحنى وترضى ترجعلى تانى
سحبت غطاءها وهى تنظر بعيدا عنه وقالت باقتضاب
تصبح على خير
قال ببراءة مصطنعة
يعنى هتسبينى متعلق كده .. طب نزليلى السرير الأول كده ظهرى هيوجعنى
نهضت مرة أخرى واتجهت إلى فراشه فقال مشاكسا
طب ممكن تظبطيلى المخدة دى تحت راسى.. مش مرتاح خالص
قالت وهى ترفع رأسه بيد وتحرك الوسادة باليد الأخرى
أنت شكلك بتدلع على فكرة
أمسك يدها وجذبها إليه برفق وهى تحاول الأعتدال ولكنه لم يسمح لها واستنشق عبيرها وقال بصوت رخيم
أنا رجعتك لي يا مريم
فى اليوم التالى فحصه الطبيب وقال بابتسامة
والله أنت بطل يا يوسف .. ماشاء الله عليك
قال يوسف على الفور
هخرج أمتى طيب يا دكتور
أبتسم الطبيب وقال
مستعجل أوى كده ليه
قال يوسف بشغف
الله يخاليك يا دكتور أنا أصلى بكره القاعدة الطويلة دى وعاوز اروح بيتنا بقى
دون الطبيب ملاحظاته قائلا
خلاص خاليك النهاردة بس وروح
بكره الصبح لو عايز.. وقوم اتمشى لوالراقدة مزهقاك اوى كده
زم شفتيه تبرما ثم قال
طب مينفعش اروح اتمشى فى بيتنا .. أنا والله حاسس انى بقيت كويس
زفر الطبيب بنفاذ صبر ثم ابتسم له قائلا
أنت ملكش حل بجد.. لكن عموما هكتبلك على خروج اخر النهار ...
حاول يوسف الكلام ولكنه قاطعه قائلا
ومفيش خروج قبل كده... فاهم
ثم نظر إلى مريم وقال
تعالى يا مدام لو سمحتى علشان افهمك هتتعاملى مع الچرح ازاى بعد ما يخرج وربنا يقدرك عليه... بصراحة جوزك ده لا يحتمل
أبتسم يوسف وشعر بالبهجة أخيرا سيعود لمنزله بصحبة زوجته ليبدأ معها حياة جديدة لن يشوبها إلا ما حدث فى الماضى فهل من الممكن أن يرأب هذا الصدع فى يوم من الأيام!
وفى المساء كان يخطو خطواته الواهنة بعض الشىء داخل بيته وعبد الرحمن يساعده إلى الصعود إلى فراشه والجميع ملتف حوله فى سعادة مرحبين بعودته لمنزله سليما معافى.
بعد أن اطمأنت مريم لأستغراقه فى النوم فتحت خزانتها بهدوء وأخذت ملابسها وأغلقتها بهدوء دخلت الحمام واغتسلت وبدلت ملابسها وخرجت وهى تجفف شعرها بالمنشفة فوجئت به يجلس على طرف الفراش ينتظرها تعثرت قليلا فى خطواتها ثم استعادت توازنها بسرعة واتجهت إلى المرآة لتمشط شعرها فقال وهو ينظر لصورتها المنعكسة فى المرآة
مريم .. لو سمحتى تعالى غيريلى على الچرح
ألفتت إليه بدهشة وقالت
الدكتور لسه مغيرك عليه الصبح!
قال بعناد مشاكسا
لا مش مرتاح حاسس ان فى حاجة مش طبيعية.. لو سمحتى تعالى شيليه حاسس ان فى نملة بتقرصنى
تنهدت بتعجب قائلة
نملة !! ..أظاهر الدكتور كان عنده حق لما قالى ربنا يصبرك عليه
وضعت المنشفة وأحضرت الأدوات الطبية وضعتها بجوارها على طاولة صغيرة بجوار الفراش وقالت
طيب فك زراير القميص لو سمحت
تصنع الألم وهو يقول
مش قادر يا مريم .. ممكن تفكيهالى انت
ونظر لها برجاء وقال
من فضلك
جلست أمامه وشرعت فى فك الأزرار بارتباك حاولت أن تسرع ولكن سرعتها جعلتها ترتبك أكثر وتتعثر كان فى قمة سعادته من قربها منه إلى هذه الدرجة وأخذ يتأمل شعرها الندى الذى مازال تعلق به قطرات الماء ود لو أنها تعثرت أكثر لتبقى قال بعبث ليربكها أكثر وهو يتأملها
كل ده بتفكى كام زرار
قالت بارتباك وقد أحمرت وجنتاها
أهو خلاص خلصت
أنتهت وقامت بمساعدته فى حرج شديد وجلست تزيل أثار اللآصق الذى وضعه الطبيب حاولت أن تنتهى سريعا كما علمها الطبيب تهرب من نظراته المخترقة لها وكأنه يغوص بداخلها من عمق النظرات المتفحصة محتفظا بابتسامته العذبة الحانية مرت اللحظات القليلة عليها وكأنها ساعات طويلة وأخيرا انتهت وهى تقول بتلعثم
يعنى لا كان فى
متابعة القراءة